كاتب يحكي قصة وطن مسلوب ..
وطن تاقت النفس لتقبيل ترابه ..
مع القصه
بهـ‘ـاء الدين احـ‘ـمد و .. عن الرجال والبنادق ..
اتـ‘ـرككم والنص ..
,
,
توطئة:
" عادة ما نسعى لتقديم افكارنا او احاسيسنا ولربما آرانا السياسة عبر لغة ما في اطار ادبي يأخذ شكل القصة او الخاطرة او حتى الشعر, وفي احيان كثيرة لا تتسع الاشكال الابداعية لاحتواء شمول الفكرة التي نحاول ان نرسلها ويبقى الاحساس بالعجز والقصور وهو دافع المبدع دوما للتقدم والارتقاء.
وجدتني مشدودا لفكرة الوطن السليب وتلك الضحيات اللامسرحية التي تحدث بعيدا عن عدسات الكاميرا او صوت التصفيق, هذه القصة - ان جاز ان اسميها كذلك- حدثت في مخيم جنين للاجئين الفلسطينين وشاءت الظروف بان اطلع علي جزء يسير مما حدث ولم اجد بدا من نقل مشهد عابر من مشاهد كثيرة حدثت ولازالت تحدث هناك
اتمنى بان تحوز اعجابكم, واليكم القصة.
عن الرجال والبنادق
ظلال ترسو علي الوجوه...تلونها بلون السواد ليكون الظل شكل الروح في خفايا الملامح, ارسل نظراته تحدق في الوجوه....ها هم يجتمعون الان.....ليس يعرفهم جميعا ولكنه يعرف لماذا اجتمعوا...ومتى سيرحلون
اشتدت قبضته علي البندقية ....خرجت كلماته صلبة كصخر الجدار الذي يستند اليه
-لقد اقتربوا.....لم يعد يفصلنا عنهم غير بضعة امتار......
حملته ذاكرته بعيدا.....الان يرى وجهها وظلال كلماته في عيونها
-لم يعد هناك غيرنا في هذا المخيم....لقد تم اخلاء المدنين بالقوة بعد تجريف بيوتهم
"يا ولدي.....ان كان موتك حاضرا.....فلا تمت قبل ان تكون ندا…….." تعود الكلمات مع صفير الريح تاخذه الي ذاك الصوت البعيد...لقد مضى الزمن يا ابي وحضر موتي....كانوا يرون موتهم في عيوني.....ولكني الان اري موتي في عيونهم.....
تمر اللحظات بسرعة رهيبة........تتقاذفه السنوات والذكريات لتعيده الي بدايات ازلية.....اللجوء والخيام والنظرات والاحلام............كلها تنتصب امامه الان....
تلقي برأسها علي صدره.......تعانقه.......تهمس له بانها دوما معه
يرفع عيناه عن السماء
عصفور صغير يلهو بين الصخور
ازهار تنمو علي شفاه التراب
صوت الموج يأتي من بعيد
"علي هذه الارض ما يستحق الحياة".
يعود......ينظر الي الشبان....بنادقهم.....عيونهم....يبحر في احلامهم المسلوبة وسنوات عمرهم اليافعة.....للحظة يسكنه هم غريب.....غصة في القلب......مرارة...اشياء لا يفهمها ولكنه يعرف بانها تؤلمه.
اخرج من حقيبته دفتر صغير وخط عليه "ما حدث بالامس جعلهم اشبه بالكلاب المسعورة....لم يتوقعوا ان يقتل منهم هذا العدد الكبير, واليوم تم استبدال الجنود بوحدات مختارة.....يبدو انهم يريدون انهاء المقاومة باي ثمن........."
تناول بندقيته الروسية القديمة. تأكد بانها لازالت قادرة علي اطلاق ما تبقى من الرصاصات.....تحسس ذاك الحزام الملتف حول وسطه....
اسند رأسه للجدار.....اغلق عينيه ....... راجع خطته البسيطة ....علينا ان نسحبهم الي مرمى بنادقنا.... وان نتجنب الطيران.... المسافة.......صفر.
نظر الي رفاقه
التقت الاعين
تعانقت
تودعت
تعاهدت علي اكمال الطريق
نهضوا
ازقة المخيم تردد وقع اقدامهم
الاضواء البعيدة تعانق ظلالهم الممتدة
تطاولت قاماتهم لتعانق قمم الجبال التي اتوا منها
لقد وصلوا الي ساحة معركتهم الازلية
وكان الاشتباك
استمرت المعركة حتى مشارف الفجر.............قال من تبقى من اهل المخيم بان قتالا عنيفا جرى في ليلة الخامس عشر من ايار لعام الفين وواحد.
ما وجده اهل المخيم بعد عودتهم كان يعلن بان هؤلاء الشبان قد قاتلوا حتى الطلقة الاخيرة
قاتلوا ببنادقهم اليتيمة
بقبضاتهم العارية
بقلوبهم المتفجرة بالغضب والحب
لم يجدوا ابدا جثثهم ……….. لم يجدوا اثار للدم………ما وجدوا غير عشرة زنابق بحرية نبتت علي حواف الطريق وورقة صغيرة خط عليها
^
^
^
^
^
الحـــقوق لا تــمنح ...................... بل تــنتزع
,
,
اطيب تحيه لكم وله ..